حصلت "إيران إنترناشيونال" على رسالة سرية للغاية بعث بها البنك المركزي الإيراني إلى مجلس النقود والائتمان، حول فساد مالي لدى 290 من كبار مديري البنوك. كما يظهر هذا التقرير السري فسادا واسعا في البنوك التابعة لمؤسسات الأمن والشرطة والجيش في إيران.
وبحسب الوثيقة المسربة، فقد أعلن الأمين العام للبنك المركزي الإيراني، محمد طالبي، في رسالة بعث بها إلى مجلس النقود والائتمان، عن مخالفات قانونية واسعة في النظام المصرفي للبلاد.
وتتضمن الرسالة الموقعة بختم "سري للغاية" تقرير مساعد رئيس البنك المركزي الإيراني بخصوص أداء لجنة الرقابة على البنوك.
كما تحتوي الرسالة على قائمة قدمها أمين لجنة الرقابة على البنوك، حسين فهيمي، لمخالفات قانونية لجميع البنوك الإيرانية منذ عام 2011، كما تتضمن أحكام اللجنة الصادرة في هذه المخالفات.
ووفقا للوثيقة، فقد اتهمت لجنة الرقابة على البنوك أكثر من 290 مديرًا مصرفيا بارتكاب مخالفات قانونية، وحدثت العديد من هذه المخالفات في بنوك تابعة لأجهزة الأمن والشرطة في إيران.
وأظهرت الوثيقة أنه خلال 11 سنة، تم فتح قضايا مخالفات قانونية لـ24 بنكا ومؤسسة نقدية وائتمانية، وقد كان "بنك سرمايه" الإيراني أكثر البنوك إدانة بعد فتح 7 قضايا فساد ضده في لجنة الرقابة خلال هذه السنوات.
ياتي هذا بينما أوقفت العديد من المؤسسات النقدية والائتمانية في البلاد نشاطها حاليا أو تم دمجها مع بنوك أخرى.
وبحسب هذه الوثيقة، فقد رفعت في هذه الفترة ما مجموعه 55 قضية انتهاك ضد الجهاز المصرفي، أسفرت بعضها عن صدور أحكام.
ونظرا لمحتوى رسائل مختلف مسؤولي البنك المركزي، يبدو أن أعضاء لجنة الرقابة على البنوك طلبوا خلال اجتماع مجلس النقد والائتمان، من حسين فهيمي تقديم تقرير عن أداء هذه اللجنة إلى مجلس النقد والائتمان.
وتظهر تفاصيل قضايا مخالفات البنوك والمؤسسات النقدية والائتمانية المختلفة أن المخالفة الرئيسية كانت "عدم الالتزام بلوائح وقرارات مجلس النقد والائتمان في تحديد سعر الفائدة على الودائع والقروض البنكية".
ومن المخالفات الأخرى التي ارتكبها عدد كبير من البنوك والمؤسسات النقدية والائتمانية في إيران: "عدم الالتزام باللوائح والتعليمات التي أقرها مجلس النقد والائتمان فيما يتعلق بسداد القروض وخلق الالتزامات"، إضافة إلى "عدم الامتثال للوائح والتعليمات المتعلقة بالسياسات النقدية والائتمانية فيما يتعلق بالنسب القانونية والمعايير المصرفية".
تدخل المؤسسات العسكرية في العمل المصرفي
وتظهر الوثيقة المسربة تدخل المؤسسات الأمنية في العمل المصرفي وهو ما اعتبر المشكلة الرئيسية في الاقتصاد الإيراني خلال العقد الأخير، كما ارتكبت البنوك التابعة لأجهزة الأمن والشرطة في إيران مخالفات قانونية واسعة في العقد نفسه.
وارتكبت البنوك والمؤسسات المالية التابعة لأجهزة الأمن في إيران انتهاكات واسعة بما فيها عدم الامتثال للقواعد واللوائح المتعلقة بالاستثمار في الشركات التابعة، ومنح التسهيلات للأشخاص المقربين، وأسعار الفائدة على الودائع، ونظام الأسهم غير الشفاف وعدم إبلاغ الهيئات الرقابية بتقارير حول أدائها.
وعلى سبيل المثال، كانت مؤسسة "كوثر" المالية والائتمانية واحدة من هذه المؤسسات التي تأسست عام 2009 بدعم من وزارة الدفاع الإيرانية وكانت ضمن 5 بنوك ومؤسسات مالية تم دمجها في بنك سبه في مارس (آذار) 2019.
ومن المخالفات المسجلة لهذه المؤسسة أثناء عملها: عدم مراعاة معدل الفائدة المعتمد على الودائع والتسهيلات، والذي يحدده مجلس النقد والائتمان.
وتظهر الوثيقة أن مجلس الرقابة التابع للبنك المركزي، يكتفي بتذكير المؤسسة بمخالفاتها ويرفض اتخاذ إجراء رادع.
إلى ذلك، يعتبر "بنك قوامين" الذي تأسس بدعم الشرطة الإيرانية عام 2013 من بين المؤسسات الأخرى التي شهدت "مخالفات واسعة للعسكريين". علما أن هذا البنك أيضا تم دمجه عام 2019 في بنك سبه.
وبحسب الوثيقة، لم يمتثل بنك قوامين خلال فترة عمله، للقواعد والتعليمات المتعلقة بالاستثمار في الشركات التابعة والأنشطة الاقتصادية.
كما أدت المخالفات الواسعة لهذا البنك إلى أن تقوم لجنة الرقابة التابعة للبنك المركزي الإيراني بإدانة مديري البنك بدفع غرامات مالية، وإلغاء المؤهلات المهنية لسبعة منهم، وحظر أنشطة اثنين آخرين.
كما واجهت مؤسسة "نور" المالية والائتمانية التابعة للحرس الثوري الإيراني والتي تأسست عام 2013 أيضا، واجهت تهما بعدم تقديم إحصاءات عن أنشطتها السنوية إلى البنك المركزي والنشاط المالي غير الشفاف.
وبناءً على ما ورد في الوثيقة المسربة، فإن لجنة الرقابة التابعة للبنك المركزي أدانت هذه المؤسسة بدفع غرامة مالية وتجريد المديرين من أهليتهم المهنية لمدة تصل إلى 10 سنوات.
ويعتبر بنك "حكمت" الإيراني وهو شركة خدمات مالية ومصرفية تابعة للجيش في إيران، أحد البنوك المتورطة في هذه المخالفات. وكان هذا البنك قد بدأ عمله كصندوق قرض لموظفي الجيش وتحول إلى بنك عام 2009 بموافقة البنك المركزي.
وكان بنك "حكمت" أيضا ضمن البنوك والمؤسسات المالية التي تم دمجها في بنك سبه عام 2019.