بينما يجري الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، زيارة رسمية لدمشق، تلقت "إيران إنترناشيونال" وثيقة تكشف موافقة الحكومة الإيرانية في يناير (كانون الثاني) الماضي على طلب منظمة الطاقة الذرية الإيرانية لشراء 800 ألف طن من الفوسفات السوري سنويا لاستخراج اليورانيوم وصنع الكعكة الصفراء.
ووقع الوثيقة المذكورة رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، وهي عبارة عن رسالة "سرية للغاية"، بعث بها إسلامي إلى النائب الأول لرئيس الجمهورية، محمد مخبر، ومؤرخة بتاريخ 22 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكشفت الوثيقة أن "الذرية الإيرانية" تضع لمساتها الأخيرة على اتفاق لشراء 800 ألف طن سنويا من الفوسفات السوري.
وسعى إسلامي إلى تبرير هذا الاتفاق، قائلا: "نظرا للدرجة العالية من اليورانيوم التي تتمتع بها تربة الفوسفات من المصادر المذكورة أعلاه [الفوسفات في سوريا]، فإن استخراج اليورانيوم وتحضير الكعكة الصفراء منه يعتبر أكثر مناسبة من الناحية الفنية، مقارنة مع استخراج اليورانيوم من المصادر منخفضة الدرجة والمشعة في البلاد".
كما أكدت الوثيقة على أن تكاليف الاستخراج والنقل والتكاليف الأخرى تقع على عاتق منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، فيما تكون أي تكاليف خاصة بالحكومة الإيرانية في الاتفاق مع الجانب السوري "مجانية".
وبحسب الوثيقة، فقد وافقت حكومة إيران على طلب منظمة الطاقة الذرية هذا.
كما بررت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في ملحق الرسالة: "بما أن إيران فقيرة للغاية من حيث موارد اليورانيوم، فلا مفر من إيلاء المزيد من الاهتمام للموارد غير التقليدية، واستيراد اليورانيوم إلى البلاد".
وجاء في هذا الملحق بما أن "العقوبات حالت دون استيراد اليورانيوم مباشرة، فإن اعتماد حلول للاستيراد من مصادر غير تقليدية؛ مثل استخدام تربة الفوسفات قد يكون خيارا مناسبا ومتاحا بهذا الخصوص".
وكشفت الوثيقة أن إيران أشرفت خلال السنوات الأخيرة على عملية الاستخراج والانتفاع من الفوسفات في منجمين سوريين، أحدهما منجم "الصوافة" باحتياطي 1.5 مليار طن من صخور الفوسفات، والآخر " خنيفس" باحتياطي 300 مليار طن.
وأضافت الوثيقة أن منجم "خنيفس"- ونظرا للنسبة العالية من اليورانيوم فيه- يعد من الخيارات المناسبة للاستخدام في دورة الوقود النووية وإنتاج الكعكة الصفراء. وعلى هذا الأساس طلبت منظمة الطاقة الذرية "اتخاذ إجراءات فورية لنقل الصخور المعدنية من منجم خنيفس".
وبحسب الإحصائيات المنشورة على موقع "الرابطة النووية العالمية" فإن سوريا تعتبر من الدول الغنية بموارد الفوسفات الصالحة لاستخراج اليورانيوم.
وأعلنت إيران وسوريا لأول مرة في فبراير (شباط) 2017، عن اتفاق جرى بينهما لانتفاع طهران من مناجم الفوسفات السورية، وجاء ذلك خلال زيارة رئيس الوزراء السوري الأسبق، عماد خميس، إلى طهران آنذاك.
ووردت تقارير خلال السنوات الأخيرة كشفت عن صراع روسي للاستيلاء على مناجم الفوسفات السورية، ومساعيها لإبعاد إيران عن هذه المنافسة.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، في تقرير نشره عام 2018، إلى دوافع روسيا للسيطرة على موارد الفوسفات السورية، وأوضح أن "الفوسفات السوري نظرياً يحتوي على ما يصل إلى 300 غرام من اليورانيوم للطن المتري، وهذه كمية مرتفعة جدا مقارنة بأنواع الفوسفات الأخرى التي لا يتجاوز معدل اليورانيوم فيها 200 غرام للطن".
ويأتي نشر هذه الوثيقة السرية، في خضم زيارة يجريها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق، تعتبر الأولى من نوعها لرئيس إيراني إلى سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية بالبلاد في عام 2011.
وليس من الواضح حجم التكاليف التي أنفقتها إيران في سوريا منذ الحرب الأهلية، لكن صحيفة "كيهان" نقلت قبيل زيارة رئيسي، عن الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، حشمت فلاحت بيشه، قوله إن ديون إيران المستحقة على سوريا بلغت 30 مليار دولار.
وقال في مقابلة أيضا مع موقع "تجارت أونلاين" الإيراني: "نأمل أن يتم تحديد مصير الديون بقيمة 30 مليار دولار على سوريا لصالح إيران، خلال زيارة رئيسي".
كما لفت فلاحت بيشه إلى مناجم الفوسفات، وقال: "هناك 5 عقود رئيسية لسداد هذه الديون؛ استخدام مزارع الأبقار، و5 آلاف هكتار من الأراضي، ومناجم الفوسفات، وآبار النفط، ومشروع اتصالات، لكن لم يتم تنفيذ أي منها، في حين أن روسيا تأخذ ديونها بسهولة من سوريا".