في نشرة سرية حول الوضع البيئي في محافظة بلوشستان، جنوب شرقي إيران، قالت وزارة الاستخبارات الإيرانية إن المشاريع البيئية والري لمختلف أجهزة ومؤسسات النظام- بما في ذلك التابعة للحرس الثوري ووزارة الطاقة- قد "فشلت"، محذرة من أن أهالي المحافظة لم يعودوا على استعداد للعيش فيها.
وحصلت "إيران إنترناشيونال" على نسخة من النشرة السرية، التي تم إعدادها في 23 مايو (أيار)، تحت عنوان "تكثيف غير مسبوق للغبار في شمال محافظة بلوشستان، بسبب تدمير هور "هامون" من قبل وزارة الطاقة الإيرانية".
وفي إشارة إلى رفض حركة طالبان الإفراج عن حصة إيران من مياه نهر "هلمند"، ذكرت النشرة السرية أن "أجهزة مختلفة، بما في ذلك وزارة الطاقة، نفذت تدابير بحجة توفير مياه الشرب في بلوشستان- بغض النظر عن عواقب المشاريع غير المدروسة- لم تنجح أي منها وتسببت في تدمير الهور وزيادة المشكلات البيئية لسكان المنطقة، بما في ذلك تكثيف الغبار".
وتوقعت وزارة الاستخبارات أن "هذه المشكلات ستزداد حدة مع بداية الصيف، وعواصف بلوشستان الممتدة إلى 180 يومًا".
ووفقا للنشرة السرية، فإن بعض "الهيئات الحكومية والعسكرية مثل وزارة الطاقة، ووكالة الموارد الطبيعية، والجهاد الزراعي، والحرس الثوري، حرس الحدود وغيرها تنفذ مشاريع في مجال الأهوار- مثل هور هامون الذي تديره وكالة حماية البيئة- دون إدارة واحدة، مما يسبب خلافات بين الهيئات التنفيذية".
وكتبت وزارة الاستخبارات أن "عدم أخذ المياه من أفغانستان، تسبب في اتخاذ كل من الأجهزة المذكورة أعلاه، تدابير على جدول أعمالها لحل هذه المشكلة، وتبرير ذلك بحجة الحصول على مياه للشرب، غير مدركة أن حل هذه المشكلة يتطلب إدارة واحدة".
وإذا استمرت هذه الإجراءات هكذا، فلن يستفيد منها الناس فحسب، بل ستؤدي أيضا إلى إهدار المال العام، وهو ما يتضح من المشاريع السابقة غير المكتملة والفاشلة، بما في ذلك مشروع الأنابيب لري 46000 هكتار من سهل بلوشستان.
وبحسب وزارة الاستخبارات فإن "التلاعب وتدمير هور هامون بهدف إنشاء قناة لنقل المياه (في حال دخلت المياه من أفغانستان)، كان أحد أسباب تكثيف الغبار في المحافظة".
وحذرت الوزارة: "مع قرب بدء عواصف بلوشستان الممتدة إلى 120 يومًا، (والتي زادت الآن إلى 180 يوما)، فإن استمرار الأمور بهذا المنوال سيضاعف المشكلات البيئية، مقارنة بالسنوات السابقة".
وفي الوقت نفسه، أعربت هذه الوزارة أيضا عن قلقها إزاء تراجع "السكان الشيعة في المحافظة"، وكتبت: "العواصف العديدة، وتدفق الرمال، والغبار، بصرف النظر عن تعطيل المكاتب، والأنشطة الاقتصادية، وتعريض صحة سكان المنطقة للخطر، قد جعلت الناس غير قادرين للعيش بهذا المستوى في هذه المحافظة، وذلك بسبب تزايد هذه المشكلات. كما انخفض النسيج السكاني للسكان الشيعة في محافظة بلوشستان، ويومًا بعد يوم تتزايد أعداد أهل السنة والرعايا الأجانب، الذين يعيشون هناك".
كما تذكر النشرة السرية لوزارة الاستخبارات، إحصاءات جديدة و "غير مسبوقة" لشدة الغبار في محافظة بلوشستان.
وكتبت هذه الوزارة: "بعد العاصفة التي هبت خلال 11 و12 يناير (كانون الثاني) الماضي في شمال بلوشستان، تم تسجيل مؤشر خطير في محطة مراقبة جودة الهواء في مدينة هيرمند، حيث أفاد الفحص أن هذا المؤشر غير المسبوق بهذا الموسم من العام يؤكد أن نسبة الغبار المرتفعة ناجمة عن تدمير هور هامون بسبب تنفيذ خطة غير مدروسة من قبل وزارة الطاقة بهدف توفير مياه الشرب.
ووفقا للنشرة السرية، كان المؤشر الفوري لمحطة مراقبة جودة الهواء، في مدينة هيرمند، صباح 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، 43000 ميكروغرام لكل متر مكعب، وهو "غير مسبوق" تقريبا على مستوى المحافظة، حتى في أيام عواصف بلوشستان الشهيرة، على مدى السنوات الماضية.
وفي نهاية النشرة السرية، تم التأكيد على أنه "بسبب عدم تأمين طالبان لمياه هور هامون، وإنشاء قناة كبيرة، والحفر لنقل المياه، وغيرها من المشاريع غير الناجحة المنفذة على مستوى محافظة بلوشستان، من المتوقع- إلى جانب مشكلة ندرة المياه في المنطقة- أن يكون مستوى الغبار هذا العام أعلى مما كان عليه في السنوات السابقة، لذلك من الضروري استجواب منفذي هذه المشاريع، والتدخل الجاد لكبار مسؤولي الدولة لحل هذه المشكلة".
وتأتي النشرة السرية لوزارة الاستخبارات في الوقت الذي زادت فيه التوترات بين طهران وكابل، بشأن حصة إيران من مياه نهر "هلمند"، في الأشهر الأخيرة، وعلى الرغم من تهديدات المسؤولين الحكوميين الإيرانيين لم يحدث شيء حتى الآن.
وفي الأيام الأخيرة، أشارت وسائل إعلام إيرانية إلى الهجرة القسرية لآلاف العائلات الإيرانية من محافظة بلوشستان، كما حذر إمام أهل السنة في إيران، مولوي عبد الحميد من هذا الأمر.