شهد عدد من مدن محافظة بلوشستان، جنوب شرقي إيران، الليلة الماضية، تجمعات احتجاجية على اعتقال خطيب جمعة مدينة "راسك"، مولوي فتحي محمد نقشبندي، والذي اعتقلته الأجهزة الأمنية يوم الأحد بتهمة "العمل ضد الأمن القومي" و"الافتراء على جمهورية إيران الإسلامية".
وفي مساء يوم الاثنين 21 أغسطس (آب)، تجمع المتظاهرون في مدن زاهدان، وسرباز، وراسك، ودشتياري، وغيرها، ورددوا شعارات احتجاجية ضد النظام الإيراني.
وقام هؤلاء المحتجون بإغلاق طرق الوصول إلى المنطقة التي تجمعوا فيها بإضرام النار في إطارات السيارات، وطالبوا بالإفراج عن مولوي فتحي محمد نقشبندي.
يأتي ذلك في حين، أنه منذ يوم الأحد وبعد اعتقال خطيب جمعة "راسك"، تسود أجواء أمنية مشددة ليس فقط في هذه المدينة والمدن المحيطة بها مثل سرباز، بل أيضا في زاهدان، وتقوم مركبات مكافحة الشغب بدوريات في المدينة، بالإضافة إلى تمركزها على طرق الدخول والخروج.
في 20 أغسطس، كان مولوي فتحي محمد مع ابنه وعدد آخر من الأشخاص في طريقهم إلى تشابهار عندما اعتقلتهم القوات العسكرية، وتم نقلهم إلى مكان مجهول.
عواقب سلبية لاعتقال خطيب جمعة "راسك"
تم استدعاء مولوي فتحي محمد، والد مولوي عبد الغفار نقشبندي، خطيب جمعة راسم السابق وأحد معارضي النظام الإيراني، إلى زاهدان وتم استجوابه في 13 أغسطس من قبل دائرة المخابرات واستخبارات الحرس الثوري الإيراني والمكتب التمثيلي للمرشد الإيراني علي خامنئي.
وفي أعقاب اعتقال رجل الدين السني هذا، صدرت دعوات عامة لتنظيم مظاهرة احتجاجية لدعمه، وبهدف إنهاء الاعتقالات غير القانونية في بلوشستان.
وبناء على هذه الدعوات فإن اعتقال خطيب جمعة "راسك" يهدف إلى الضغط على مولوي عبد الحميد إسماعيل زهي، ومولوي عبد الغفار نقشبندي.
بالإضافة إلى ذلك، رد عدد من رجال الدين السنة أيضًا على اعتقال مولوي فتحي محمد نقشبندي. ومن بينهم مولوي عبد الحميد، خطيب جمعة زاهدان السني، الذي حذّر في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقا) من أن اعتقال خطيب جمعة "راسك" بتهمة "انتقاد أداء السلطات" سيثير "السخط".
وفي إشارة إلى "التبعات السلبية" التي ستترتب على هذا الاعتقال، كتب عبد الحميد: "الإفراج عنه في أسرع وقت في مصلحة الجميع".
ووصف "كاك حسن أميني"، رئيس القضاء في إقليم كردستان، اعتقال مولوي فتحي محمد نقشبندي بأنه أمر "مثير للدهشة والأسف"، وكتب على شبكة التواصل الاجتماعي "إكس": "لماذا لا يفكر المسؤولون في مصالح البلاد والوحدة الوطنية؟!"
ودعا النظام إلى "مراعاة القانون وتحكيم العقل" بدلاً من "الحب والكراهية الشخصية والأيديولوجية"، وأدان الاعتقالات "غير القانونية وغير الدينية"، مطالباً بالإفراج الفوري عن خطيب جمعة "راسك".
كما كتب مولوي عبد الغفار ردا على اعتقال والده من قبل قوات الأمن: "إذا كنتم تعتقدون أنكم من خلال أخذ والدي العجوز رهينة، ستصرفوننا عن طريق المطالبة بتحقيق العدالة لدماء شهداء مصلى زاهدان وكل إيران، فأنتم مخطئون. ليس أبي فقط، بل سأضحي بدمي ودماء عائلتي على هذا الطريق، ولكن لن أتنازل عن دماء الشهداء أبدا".
تهمة "الافتراء والتشهير بالجمهورية الإسلامية" لمولوي فتحي محمد
وفي أعقاب تكثيف الاحتجاجات العامة ضد هذا الاعتقال، أصدرت العلاقات العامة لقضاء بلوشستان أيضًا إعلاناً ادعت فيه أنه في الأشهر الأخيرة كان لخطيب جمعة أهل السنة في "راسك" مواقف "عدوانية واستفزازية ومتسقة مع معارضي النظام".
وجاء في هذا الإعلان أنه تم تحذير مولوي فتحي محمد "في أجواء ودية"، لكنه "أصر على مواقفه"، وذكر أنه ينوي المضي بنفس الطريقة و"بما يتماشى مع التيارات المعارضة"، ولذلك تم القبض عليه بتهمة "تضليل الرأي العام بالخطابات الكاذبة".
"التشهير والافتراء على نظام الجمهورية الإسلامية" و"العمل ضد الأمن القومي" هي اتهامات أخرى قامت على أساسها المؤسسات الأمنية برفع دعوى قضائية ضد مولوي فتحي محمد.
وتم هذا الاعتقال بعد يومين من الخطب الانتقادية لمولوي فتحي محمد في 18 أغسطس (آب)، والتي حذر فيها من أنه إذا استمرت الضغوط، فسوف يكشف الكثير من "المظالم التي لم تعلن" والتي حدثت في السنوات القليلة الماضية.
وبعد استدعائه وتهديده في 14 أغسطس (آب)، في مكتب ممثل علي خامنئي بمدينة زاهدان، انتقد بشدة المؤسسات والسلطات الأمنية في النظام الإيراني.
وقال مولوي فتحي محمد في خطبة الجمعة الماضية بمدينة "راسك": "على السلطات أن تعلم أنها إذا أرادت مواصلة هذه الممارسات، فسوف تنكشف الكثير من الحقائق إذا تم سجني أو قتلي".