في الذكرى السنوية الأولى لمقتل مهسا أميني على يد "شرطة الأخلاق"، شهد عدد من المدن الإيرانية مظاهرات ليلية، أمس السبت، تلبية لدعوات الاحتجاج والتظاهر المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام.
السلطات الأمنية كانت على أهبة الاستعداد وجيشت جميع طواقمها وأفراد أمنها لمواجهة هذه الاحتجاجات لكنها لم تكن كافية لتحول دون تشكيل هذه المظاهرات في مدن عدة، مثل أراك وطهران وكرج وكرمانشاه وأصفهان وبلوشستان.
وقد تعاملت الصحف الصادرة اليوم السبت بحذر شديد مع هذه القضية، واكتفت بالحديث عن الذكرى السنوية للحادثة وحاولت الصحف الإصلاحية بالتحديد التذكير بضرورة إجراء إصلاحات جذرية تجعل البلاد أكثر استقرارا.
بعض الصحف مثل "توسعه إيراني" انتقدت الغموض الذي لا يزال يكتنف ملف مهسا أميني، حيث امتنعت السلطات عن تقديم رواية واضحة ومستندة بالأدلة والبراهين للرأي العام، فيما سارعت هذه السلطات نفسها باتخاذ الإجراءات وإصدار أحكام الإعدام وتنفيذها ضد المتظاهرين بسرعة قياسية أثارت انتقادات منظمات حقوق الإنسان والنشطاء المدنيين الذين يتهمون السلطة بالازدواجية في العمل على معالجة الملفات العالقة.
الصحيفة لفتت أيضا إلى طريقة تعامل السلطة مع المتظاهرين والمحتجين على حادثة مهسا أميني، وقالت إن النظام لم يتردد في إلصاق تهمة الخيانة وممارسة أعمال الشغب والتبعية للغرب بحق المتظاهرين مما جعل كثيرا من الإيرانيين اليوم يقفون ضد النظام وسياساته، و"لا يفكرون سوى في الهجرة من البلاد بعد أن أصبحوا يجدون أنفسهم غرباء في وطنهم".
من جهتها، نشرت صحيفة "اعتماد" مقالا للكاتب محسن آزموده، قال فيه: "الصمت في أوقات العسرة يكون أخلاقيا عندما يصبح الكلام عن الأمور الهامة والمصيرية مستحيلا، عندما يفقد الإنسان الحرية في الكلام عما يعتقده صحيحا ومطلوبا يصبح الصمت هو الخيار الأخلاقي الوحيد".
وشبه الكاتب هذه الحالة بما كان يسود في ألمانيا في عهد الحكم النازي، وقال: "في عهد النازيين إذا تكلم شخص ضد مخاطر العنصرية وسلبياتها فإن مصيره يكون معلوما وسينال أشد العقاب من قبل السلطات، وربما تنتهج وسائل الإعلام الإيرانية هذا النهج خوفا مما ينتظرها من تبعات وآثار إذا قررت الحديث بشكل حر عما تشهده إيران.
وفي موضوع آخر، سلطت بعض الصحف مثل "ستاره صبح" الضوء على تصريحات رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، التي أقر فيها بفشل سياسات النظام طوال السنوات الماضية، حيث قال قاليباف بالنص الصريح: "كل أعمالنا غير قابلة للدفاع. البلاد تواجه كما هائلا من المشاكل، لكن المسؤولين لا يعتقدون بوجود أي من هذه المشاكل".
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"إسكناس": إيران أمام خيارين سيئين في ملف القوقاز
كتبت صحيفة "إسكناس" مقالا حذرت فيه النظام الإيراني من تبعات قيام إيران بالتدخل العسكري في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، مؤكدة أن إيران ستقع في خطأ فادح لو أقدمت على هذا القرار.
وقد أقرت الصحيفة في الوقت ذاته بصعوبة الموقف الإيراني حيال التطورات المحتملة في المستقبل القريب، وقالت إن نظام طهران بات بين خيارين كلاهما مر، فإما أن يقبل بتغييرات جيوسياسية في حدوده الشمالية وإما أن يدخل في صراع لا بد وأن يهدد مشروع سكة حديد "رشت- آستارا" الذي يمر من الأراضي الأذربيجانية ليصل إيران بروسيا.
وكتبت الصحيفة في هذا السياق: "في حال رفضت إيران التغييرات الجيوسياسية الجديدة- وهو أمر مؤكد- فإن أذربيجان سوف تهدد مصالح إيران الاقتصادية المرتبطة بمشروع سكة حديد رشت- آستارا، وهو مشروع كانت تؤمل إيران من ورائه الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة عليها".
وأضافت "إسكناس": "إذن فإن تدخل إيران عسكريا في هذا الملف يعني بالضرورة أن أذربيجان ستوجه ضربة للمصالح الاقتصادية الإيرانية، لهذا فإنه يُنصح بأن تمتنع إيران عن الخيارات العسكرية وتفكر في الحلول الدبلوماسية لتجاوز هذه الإشكالية".
"جوان": علينا أن نتخلى عن "شرطة الأخلاق" بعد أن تحولت إلى عامل سلبي في مواجهة رفض الحجاب الإجباري
اعترفت صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري بفشل سياسات السلطة في إيران فيما يتعلق بموضوع الحجاب الإجباري، وكتبت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الأحد: "هذه الطريقة في مواجهة عدم ارتداء النساء للحجاب تفتقد للفاعلية المطلوبة، وما دامت شرطة الأخلاق تفتقر لآليات ذكية لتنفيذ هذه القوانين فإن تعاطيها مع هذا الملف ليس فاعلا بل في كثير من الأحيان تحول إلى عامل مساهم في توسيع دائرة رفض الحجاب الإجباري بين النساء".
الصحيفة اعترفت كذلك بضعف الإعلام الإيراني مقابل الإعلام المعارض، وقالت إن الرواية السائدة عن "شرطة الأخلاق" هي رواية المعارضة التي تصوّر هذه المؤسسة بأنها مؤسسة عنيفة وتمارس العنف والقهر ضد النساء، مما يعني أن هذه الشرطة أصبحت تقف في الضد من الغاية التي أنشئت في الأساس من أجلها.
وفي الختام، اقترحت الصحيفة التخلي عن فكرة "شرطة الأخلاق" بعد أن تحولت إلى عامل سلبي في مواجهة رفض الحجاب من قبل النساء. وقالت: "يبدو أنه من الأفضل أن يُترك تنفيذ هذا القانون إلى الناس أنفسهم وأن تقوم المؤسسات والتشكلات الشعبية بمهمة النصح والإرشاد ومواجهة أشكال رفض الحجاب الإجباري".
"تجارت": العقوبات الغربية الأخيرة ضد إيران شكلية لأنها لا تستهدف القطاعات الحيوية مثل النفط والمصارف
علق الكاتب والمحلل السياسي حسن بهشتي في مقابلة مع صحيفة "تجارت" على العقوبات الأميركية والأوروبية الجديدة التي استهدفت مسؤولين إيرانيين في ذكرى الاحتجاجات ومقتل الشابة مهسا أميني، وقال إن هذه العقوبات فاقدة للاعتبار كونها تستهدف أشخاصا بعينهم وليس قطاعات حيوية مثل قطاعي النفط والمصارف، معتقدا أن هذه العقوبات هي ذات طابع نفسي أكثر من كونها عقوبات حقيقية.
الكاتب ذكر أن الدول الأوروبية غيرت من وجهة نظرها في التعامل مع إيران خلال السنة الأخيرة، موضحا أن هذه الدول قد صعدت من خطابها في العام الماضي، وذلك على خلفية الاحتجاجات التي ظنت أنها ستؤدي إلى سقوط النظام، لكن وعندما أدركت أن ذلك لن يقع بهذه السهولة غيرت من سياساتها وحاولت أن تجد أدوات للتواصل مع إيران.
وفي سياق آخر، انتقد الكاتب تعنت مسؤولي النظام الإيراني في الدخول بمفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية وقال إن أي إجراء لا يشمل الدخول في مفاوضات مباشرة مع واشنطن يعد مضيعة للوقت، منوها إلى أن إيران لا تحتاج إلى وسطاء للدفاع عن مصالحها وحقوقها حسب ما أوردته الصحيفة نقلا عن بهشتي.