أفاد موقع "أمواج ميديا" الإيراني نقلاً عن عدة مصادر مطلعة، أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، سمح للمفاوضين النوويين بالتفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة.
وقالت مصادر إيرانية رفيعة المستوى، طلبت عدم الكشف عن هويتها، لـ"أمواج ميديا"، إن علي باقري كني، مساعد وزير الخارجية الإيراني، مستعد للقاء منسق شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، بريت ماكغورك، في سلطنة عمان خلال الأسابيع المقبلة.
وإذا تحقق الاجتماع المنشود، فإن الخطوة التالية ستكون قيام بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والولايات المتحدة بعقد اجتماع مع إيران، باعتبارهم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، إلى جانب ألمانيا.
وتكهن مصدر مطلع بأن الاجتماع المزمع سيعقد على الأرجح بعد "اليوم الانتقالي" للاتفاق النووي في 18 أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام.
وأعلنت لندن وباريس وبرلين في 18 سبتمبر (أيلول) أنها ستبقي بعض عقوباتها السارية على إيران لما بعد تاريخ 18 أكتوبر المنصوص عليه في اتفاق 2015، في ظل عدم وفائها بالتزاماتها بموجب الاتفاق.
ورغم أن بعض الخبراء رسموا صورة أقل طموحا بكثير للاتفاق المحتمل، فإن "أمواج ميديا" أشار إلى "التفويض بالمفاوضات المباشرة" باعتباره تحولا واضحا من جانب خامنئي، يمكن أن يشكل نقطة تحول في الخلاف حول برنامج إيران النووي.
تغير نهج خامنئي من إدارة ترامب إلى بايدن
وأصرت إيران وخامنئي نفسه على أن الاتفاق الأولي لا يمكن تغييره منذ انسحاب إدارة دونالد ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي في عام 2018.
وكان كبير مفاوضي إيران في ذلك الوقت هو وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي تمت دعوته إلى البيت الأبيض عام 2019 لإجراء مفاوضات مباشرة من أجل التوصل إلى اتفاق.
لكن خامنئي رفض المفاوضات المباشرة وجعلها مشروطة بعودة ترامب إلى الاتفاق النووي.
وأدخلت هذه التطورات طهران وواشنطن في دوامة من الصراعات الإضافية، والتي أدت في نهاية المطاف إلى مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، على يد الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) 2020 في بغداد، ومن ثم قصف القواعد الأميركية في العراق من قبل إيران.
ومع ذلك، عندما وصل جو بايدن إلى السلطة في يناير (كانون الثاني) 2021، كان هناك أمل لدى إيران في أن يفي بسرعة بوعده الانتخابي بإلغاء قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي.
كما وافق البرلمان الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) 2020 على قانون يلزم الحكومة الإيرانية بـ"التخلي" عن قيودها النووية بموجب الاتفاق النووي؛ ما لم يدخل الرئيس الأميركي الجديد في الاتفاق مرة أخرى خلال 30 يوما من انتخابه.
وقد ساعد الفشل في إحياء الاتفاق النووي بشكل كامل في نهاية المطاف على خلق دورة من إعادة التصعيد؛ بينما بقي التفاعل المباشر والمفتوح بمثابة "المحرمات".
من ناحية أخرى، ردت طهران مؤخرا بقوة على موقف أوروبا المتشدد، بما في ذلك رفض الدول الأوروبية رفع العقوبات التي ستنتهي في "اليوم الانتقالي" بموجب خطة الاتفاق النووي.
كما أشارت مصادر إيرانية مطلعة إلى أن هدف طهران هو العودة إلى الطاولة التي كانت عليها في خريف 2022؛ عندما انتهت المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة إلى طريق مسدود العام الماضي.
التطورات خلال هذا العام
ورغم أنه يبدو أن الحسابات حول علاقات إيران مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة قد تغيرت في عام 2023، إلا أن التكهنات حول التفاوض والاتفاق تتجاهل تغير موقف الدول الغربية تجاه إيران بعد قمع الانتفاضة الشعبية.
بالإضافة إلى ذلك، أدى نقل الأسلحة إلى روسيا لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا إلى جعل الوضع أكثر تعقيدا، لأنه بالنسبة لأوروبا، يعتبر الغزو الروسي لأوكرانيا تهديدا أمنيا كبيرا.
من ناحية أخرى، استغلت إيران هذا الصراع لتحسين علاقاتها مع موسكو إلى مستوى غير مسبوق، خاصة في المجال العسكري.
وتشكل هذه التطورات، إلى جانب توفير الطائرات الإيرانية المسيرة لروسيا، إحدى القضايا الرئيسية في الأجندة السياسية الأوروبية تجاه إيران.
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي نفسه، فقد ذكرت واشنطن بوضوح بأنها لا ترى إحياء الاتفاق بشكل كامل "خيارا قابلا للتطبيق".
وتصر إدارة بايدن أيضًا على إجراء تغييرات، بما في ذلك تمديد القيود على الأنشطة النووية الإيرانية.
في الوقت نفسه، قال مراقبون مطلعون لـ"أمواج ميديا" إنه حتى لو كان هناك تفاهم حول إحياء الاتفاق النووي مع إجراء تغييرات فيه، فمن المرجح ألا يبرم البيت الأبيض مثل هذه الصفقة قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2024.
كما حصل "أمواج ميديا" على معلومات تشير إلى أن خامنئي منح الضوء الأخضر لبدء محادثات "الاتفاق النووي 2" مع المسؤولين الأميركيين؛ بحيث تم عقد العديد من اللقاءات في هذا المجال في شمال أوروبا ووفرت منصة لتبادل الآراء بين المسؤولين السابقين ومراكز الفكر والشخصيات العلمية والأكاديمية من الجانبين.
وأكدت مصادر مطلعة أيضاً أن المسؤولين الإيرانيين والأميركيين التقوا عدة مرات لبحث قضايا مختلفة.
وتشمل إجراءات النظام الإيراني، والتي ساعدت، بحسب "أمواج ميديا"، على خلق تفاهم غير رسمي "لتقليل التوتر"، إبطاء تراكم اليورانيوم المخصب بنسبة عالية النقاء، وزيادة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتجنب الأعمال الاستفزازية في المنطقة.
ومن جانب الولايات المتحدة، كان تنفيذ العقوبات "أقل صرامة"، قد سمح لإيران أيضًا بالوصول إلى أصولها المجمدة في بلدان ثالثة.
وقالت مصادر إيرانية مطلعة لـ"أمواج ميديا": "بالإجراء العملي الأميركي الذي يؤدي إلى فوائد ملموسة لإيران، منح خامنئي صلاحيات واسعة لباقري كني في مجال المفاوضات المباشرة مع واشنطن".
وأشار هذا الموقع التحليلي الإخباري، في جزء من تقريره، إلى العقبات التي تواجه الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة، ولفت إلى أنه يبدو أن نهج طهران الحالي المتمثل في "خفض التوتر" ونهج واشنطن القائم على "لا اتفاق لا توتر" في المفاوضات سيستمر على الأقل حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة.