تناولت صحيفة "هم ميهن" الإيرانية، في تقرير لها، موجة هجرة الأطباء الجديدة من إيران وكتبت أنه بعد التحذيرات المتتالية من هجرة الممرضات والقابلات والصيادلة والأطباء المتخصصين، وصلت الهجرات إلى أساتذة الجامعات والمديرين في هذا المجال على مختلف المستويات.
وبحسب هذا التقرير الذي نشر يوم الثلاثاء 26 سبتمبر، فإن مدير عام الصحة بوزارة الصحة، ومدير قسم الوبائيات، ومدير مركز التجارب السريرية، ومدير مركز أبحاث الإدمان في بعض جامعات العلوم الطبية من بين المهاجرين الجدد.
الفصل والتقاعد القسري للأساتذة هو سبب الهجرة
وكان الرئيس السابق للجنة الوطنية لوباء كوفيد-19 والعضو السابق في هيئة التدريس بقسم الوبائيات بجامعة بهشتي للعلوم الطبية، حميد سوري، من بين الذين تمت إضافتهم مؤخرًا إلى قائمة المهاجرين بعد أشهر طويلة من "البقاء القسري في المنزل".
وقد وصف "البقاء في المنزل" بأنه "بمثابة الموت" وقال عن هجرته التي يشير إليها بـ "الطرد": لدى الحكومة أعذار غريبة لإبعاد الأساتذة المنتقدين من الجامعة.
وردا على سؤاله حول التقاعد الإجباري، قال سوري: المسؤولون يحاولون أن يحيلوا الأساتذة الذين يحصلون على رواتب أكبر من أجل توفير تكاليف الجامعة.
وفي وقت سابق، أعلن سعيد معيد فر، رئيس جمعية علماء الاجتماع الإيرانيين، أن إيران على أعتاب "موجة هجرة قوية للغاية"، وقال إن اليأس "الرهيب" اجتاح المجتمع بأكمله، وخاصة الشباب والنخب.
واعتبر ارتفاع نسبة "الميل إلى الهجرة" في استطلاعات الرأي، مؤشرا على "مشكلة خطيرة للغاية في البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلاد".
ورغم هذه التحذيرات، تم فصل عدد كبير من كبار أساتذة الجامعات، بما في ذلك في مجال العلوم الطبية، خلال الأشهر الماضية بسبب مواقفهم الانتقادية أو دعمهم للمحتجين، وواجهوا التقاعد القسري رغم سجلاتهم العلمية الكبيرة.
ارتفاع متوسط عمر النخب المهاجرة
وسبق أن أكد الرئيس السابق لجامعة تربيت مدرس، سعيد سمنانيان، اشتداد موجة هجرة أساتذة الجامعات، وقال إنه في كلية واحدة فقط بجامعة طهران، هاجر حوالي 30 أستاذًا من أصل 70، بينما يحاول البعض الآخر الهجرة.
لكن المجتمع الطبي يواجه هجرة أكبر للمتخصصين والخريجين، بحيث إن هذه الأرقام، بحسب ما قاله المتحدث باسم منظمة النظام الطبي، رضا لاري بور، "تضاعفت تقريبا" مقارنة بسنوات ما قبل كورونا.
وبحسب ما ذكره لاري بور، فإن الهجرة اليوم لا تقتصر على الأطباء والممرضين وأطباء الأسنان والصيادلة، بل شملت حتى القابلات والمسعفين ومختصي العلاج الطبيعي إلخ.
لاري بور الذي وصف في السابق متوسط عمر المهاجرين بأنه أقل من 35 عاما وقال إن الخريجين "يبدأون إجراءات الهجرة فورا"، أكد في مقابلة مع "هم ميهن" أن هذا المعدل قد "ارتفع" الآن.
وبناء على ذلك، في الوقت الحاضر، تم جذب العديد من الأطباء الذين كانوا يتمتعون بوظيفة مستقرة في إيران، إلى بلدان أخرى بسبب الاضطرابات التي نشأت.
في مجتمع الشباب لا تزال هذه الإحصائية مرتفعة للغاية
ونشر موقع "ركنا" الإخباري، منذ وقت ليس ببعيد، مقطع فيديو للمتفوقين في امتحان القبول بالجامعات عام 2023، حيث قال الكثير منهم إنهم يخططون للهجرة من إيران، وقد شجعتهم عائلاتهم في هذا الصدد.
وكان الافتقار إلى فرص التقدم الوظيفي أو إمكانية بدء عمل تجاري يتعلق بمجال الدراسة، والافتقار إلى الحرية الاجتماعية والمرافق، والوضع الاقتصادي غير المواتي للبلاد من بين الأسباب التي ذكرها الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات حول قرارهم بالهجرة.
وفي الوقت نفسه، أعلنت صحيفة "هم ميهن" عن هجرة الـرتب الـ 114 الأوائل في امتحان القبول بالجامعات في فروع الرياضيات والفيزياء من عام 2001 إلى 2016، وذكرت في الوقت نفسه أن "جميع الرتب العشر الأولى في العامين 2008 و2009" في هذه الفروع غادرت إيران.
وأظهرت بيانات هذا التقرير أن ما معدله 78 % من النخبة لم يعودوا إلى البلاد، ومن ناحية أخرى، كانت أميركا وكندا وسويسرا من بين الدول التي اختارها الطلاب لوجهاتهم.
وفي الشتاء الماضي، أعلن مدير مرصد الهجرة، بهرام صلواتي، أن إيران وصلت إلى مستوى 50 ألف طالب مهاجر والآن وصلت إلى مستوى أعلى من 66 ألف طالب مهاجر.
وبحسب قوله، فإن هذه الأرقام تظهر أن إيران تشهد بشكل سريع ظاهرة "تزايد أعداد الطلاب في الخارج"، لكن لا توجد إحصائيات حديثة ودقيقة في هذا المجال.
وتظهر بيانات المسح الذي أجراه المرصد الوطني للهجرة عام 2022 أن إيران تحتل المرتبة 17 في إرسال الطلاب إلى العالم.
كما تشير التقديرات إلى أن حوالي عُشر سكان البلاد، أي ما يعادل 8.5 مليون إيراني، يعيشون حاليًا خارج إيران كمهاجرين.