يظهر تحقيق "إيران إنترناشيونال" أن 3 محللين خبراء في الشأن الإيراني عملوا بشكل وثيق مع روبرت مالي، مبعوث الرئيس الأميركي للشؤون الإيرانية، كانوا أعضاءً في شبكة أنشأتها وأدارتها طهران.
ويستند هذا التقرير البحثي إلى الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين الدبلوماسيين الإيرانيين وأعضاء هذه الشبكة.
بعد الحصول على هذه الرسائل الإلكترونية من مصدر اسمه محفوظ لنا، قامت "إيران إنترناشيونال" بمراجعتها بالتعاون مع وسيلة الإعلامالأميركية "سيمافور".
التقرير هو نتيجة بحث مشترك أجرته "إيران إنترناشيونال" و"سيمافور"، على الرغم من أن الوسيلتين الإعلاميتين أعدتا موادهما بشكل منفصل ومستقل.
عمل روبرت مالي بشكل متقطع في الحكومة الأميركية على مدى العقد الماضي، وشغل في بعض الأحيان مناصب دبلوماسية حساسة. وبين هذه الفترات عمل في مجموعة "الأزمات الدولية".
وكان أحد المحللين الثلاثة المساعدين لمالي، والذين تمت الإشارة إليهم سابقاً، يعمل معه في وزارة الخارجية الأميركية. وعمل آخر تحت قيادته في مجموعة "الأزمات الدولية"، وكان مستشارًا غير رسمي له عندما كان مالي في الحكومة، والثالث عمل معه فقط في مجموعة الأزمات.
وتم وضع مبعوث الرئيس الأميركي للشؤون الإيرانية روبرت مالي في إجازة إلزامية في يوليو (تموز) من هذا العام بعد تعليق تصريحه الأمني عقب التحقيق في أدائه. ولم يتم الإعلان بعد عن السبب الدقيق لإيقافه.
العمليات السرية للخارجية الإيرانية
يفتح هذا التقرير الاستقصائي نافذة جديدة على العمليات السرية لوزارة الخارجية الإيرانية خلال المفاوضات النووية مع القوى العالمية، ويظهر عمق واتساع حملة نفوذ طهران في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى.
في بداية عام 2014، شكلت وزارة الخارجية الإيرانية مجموعة من المحللين والباحثين من الخارج تحت عنوان "مبادرة خبراء إيران"، وبحسب الوثائق التي تمت مراجعتها، فقد استخدمت هذه الشبكة لسنوات عديدة لتوسيع نطاق نفوذها على المسرح العالمي.
ولم يتم الحديث في أي وسيلة إعلامية، من قبل، عن تشكيل هذه الدائرة -التي يشار إليها أيضا باسم "شبكة الشباب" في المراسلات الداخلية بين الدبلوماسيين الإيرانيين- ودورها في تشكيل وتعزيز سياسات طهران في العالم.
وبعد توليه رئاسة الولايات المتحدة قام جو بايدن بتعيين روبرت مالي، أحد كبار الدبلوماسيين في إدارة أوباما، لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، والذي لعب مالي دورًا في مفاوضاته.
وقد تخلى دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة، عن الاتفاق، الذي كان يهدف إلى الحد من الأنشطة النووية الإيرانية. ووصف ترامب الاتفاق بأنه أسوأ اتفاق في التاريخ، وأعاد فرض عقوبات معوقة على طهران.
في فبراير (شباط) 2021، بعد أقل من شهر من تعيين مالي ممثلاً خاصاً للولايات المتحدة لشؤون إيران، أحضر أرين طباطبائي- الباحثة في شؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث "صندوق مارشال الألماني" ومقره واشنطن- إلى فريقه في وزارة الخارجية الأميركية للمساعدة في التفاوض مع إيران. ونشطت طباطبائي في هذا المنصب لمدة 15 شهرًا تقريبًا.
وحاول مالي أيضًا ضم علي واعظ، المدير الحالي لمشروع إيران في مجموعة "الأزمات الدولية"، إلى فريقه في وزارة الخارجية الأميركية، لكن تعيين واعظ واجه مشكلات.
وبحسب ما قاله أحد زملاء واعظ السابقين بالإضافة إلى مصدرين مطلعين - طلبا عدم الكشف عن هويتهما - فإنه لم يتمكن من الحصول على التصريح الأمني اللازم لتوظيفه في وزارة الخارجية الأميركية، وبالتالي تم رفض توظيفه.
وتجاهل مالي عدم إصدار تصريح أمني لواعظ، وواصل الاحتفاظ به كشخص يثق به، حيث كان واعظ يقوم بصياغة تغريداته حتى وقت قريب، وفقًا لمصدرين مطلعين على الأمر.
وعلى الرغم من أن مالي اعتبر طباطبائي وواعظ مستشارين موثوقين له، إلا أن أبحاث "إيران إنترناشيونال" تظهر أن هذين المحللين كان لهما اتصالات سرية مع ما يسمى بمجموعة "خطة خبراء إيران"؛ وهي شبكة أنشأتها طهران وتحت إشراف وزارة خارجية هذا البلد.
وبحسب رسائل البريد الإلكتروني والوثائق، فإن دينا اسفندياري، التي عينها مالي في مجموعة الأزمات الدولية بداية عام 2021، كانت أيضًا عضوًا في "مشروع خبراء إيران".
الخارجية الأميركية: فخورون بخدمة طباطبائي
وردا على سؤال "إيران إنترناشيونال" حول رسائل البريد الإلكتروني والوثائق هذه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مات ميلر، إن إدارة بايدن عينت أرين طباطبائي "بسبب خبرتها في القضايا النووية وغيرها من قضايا السياسة الخارجية" لتلعب أدوارا مختلفة في الحكومة الأميركية وهم "فخورون بخدماتها".
وقال ميلر أيضًا إن وزارة الخارجية الأميركية لا تعلق على "الوثائق التي يُزعم أنها تسربت من الحكومة الإيرانية".
ونفت مجموعة "الأزمات الدولية"، التي توظف حاليا واعظ واسفندياري، في مراسلات مع "إيران إنترناشيونال"، أن يكون موظفوها قد تلقوا توجيهات من الحكومة الإيرانية.
ولم يستجب روبرت مالي لطلبنا للتعليق على رسائل البريد الإلكتروني. وقال متحدث آخر باسم وزارة الخارجية الأميركية أيضًا: "مالي لا يزال في إجازة. ونظرًا لاعتبارات الخصوصية، ليس لدينا ما نقوله أكثر في الوقت الحالي".
وتعد رسائل البريد الإلكتروني هذه، التي تم إرسالها بين عامي 2003 و2021، جزءًا من آلاف رسائل البريد الإلكتروني التابعة لمصطفى زهراني، المدير العام السابق للشؤون الاستراتيجية بوزارة الخارجية الإيرانية ومستشار محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني السابق.
وتتضمن رسائل البريد الإلكتروني هذه أيضًا نسخًا من جوازات السفر والسير الذاتية ودعوات المؤتمرات وتذاكر الطائرة وطلبات التأشيرة وإيصالات الدفع والأوراق الأكاديمية ومراسلات مكثفة مع مسؤولي وزارة الخارجية الإيرانية وموظفي الجامعة والطلاب، الذين ساعدوا بدورهم في تأكيد صحة هذه الوثائق.
تشكيل "شبكة الشباب"
فكرة تشكيل "شبكة الشباب" طرحت لأول مرة في بداية عام 2014 من قبل سعيد خطيب زاده، الذي كان يعمل في السفارة الإيرانية في برلين في ذلك الوقت، وكان أيضًا عضوًا في معهد الدراسات السياسية والدولية الملحق بوزارة الخارجية الإيرانية.
واقترح على رؤسائه أنه من خلال تشكيل شبكة من المحللين الإيرانيين العاملين في "مراكز الأبحاث الأميركية والأوروبية" و"بدعمهم السياسي"، تستطيع إيران تعزيز وتثبيت مواقفها في العالم.
إن فوز حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية عام 2013، وسياسته الرامية إلى خفض التصعيد مع الغرب، قد خلقا أساساً لحل القضية النووية، وكان من الممكن أن تساعد "خطة الخبراء الإيرانيين" طهران على استعادة صورتها باعتبارها "دولة منبوذة" في العالم.
وكتب خطيب زاده في رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 5 مارس (آذار) 2014 إلى مجيد تخت روانشي، أحد كبار المفاوضين النوويين الإيرانيين، ومصطفى زهراني، رئيس معهد الدراسات السياسية والدولية في طهران: "ستضم هذه المبادرة، التي نطلق عليها "مشروع خبراء إيران"، مجموعة أساسية تتألف من 6 إلى 10 إيرانيين بارزين من الجيل الثاني، المرتبطين بمراكز الفكر والمؤسسات الأكاديمية الدولية، خاصة في أوروبا وأميركا."
وأظهر هذا التحقيق أن زهراني، وهو عضو في الحرس الثوري ودبلوماسي مخضرم في النظام الإيراني، لعب دورا مهما في دعم هذه الشبكة وتوفير مواردها المالية، وعمل كحلقة وصل بين أعضاء الشبكة وظريف.
وتُظهر اتصالات زهراني مع حوالي 10 محللين إيرانيين في مؤسسات الفكر والرأي الغربية بين عامي 2013 و2021 كيف لجأ بعض هؤلاء المحللين إلى طهران للحصول على المشورة.
على سبيل المثال، استشارت أرين طباطبائي الحكومة الإيرانية في أمور مثل السفر إلى إسرائيل أو المشاركة في المؤتمرات. كما قدم علي واعظ مقالاً إلى السلطات الإيرانية لمراجعته قبل النشر.
ولم يستجب كل من وزارة الخارجية الإيرانية، ومعهد الدراسات السياسية والدولية، وجواد ظريف، ومصطفى زهراني، وسعيد خطيب زاده لطلباتنا للتعليق.
وفي عام 2006، استضاف معهد الدراسات السياسية والدولية، الذي يعمل مباشرة تحت إشراف وزارة الخارجية الإيرانية، مؤتمرا لمدة يومين في طهران بعنوان "استعراض المحرقة: منظور عالمي".
وقد واجه المؤتمر انتقادات لأنه أصبح مكانًا لتجمع منكري المحرقة والمتشككين من جميع أنحاء العالم. وبعد عقد هذا المؤتمر، قطع نحو 40 معهداً بحثياً أوروبياً وأميركياً علاقاتهم مع مركز الأبحاث الإيراني هذا.
الأعضاء الرئيسيون في "شبكة الشباب"
وبحسب مرفق إحدى رسائل البريد الإلكتروني لخطيب زاده، فقد اقترح أولاً قائمة تضم 21 محللاً إيرانياً في الخارج للانضمام إلى "شبكة الشباب". لكن المراسلات اللاحقة أظهرت أن عدد الأشخاص المعتمدين أو الأشخاص الذين وافقوا على التعاون انخفض إلى حوالي 10 أشخاص.
وفي الوثائق التي تم الحصول عليها يظهر اسم أرين طباطبائي في قائمة الأعضاء الرئيسيين في الشبكة.
وتشغل طباطبائي حاليًا منصب رئيس مكتب مساعد وزير الدفاع الأميركي للعمليات الخاصة والحرب المحدودة، وكانت مستشارةً رسميةً لروبرت مالي في عامي 2021 و2022. وبحسب الصورة التي نشرها الوفد الروسي، فإنها كانت حاضرةً مع مالي في المفاوضات النووية في فيينا عام 2021.
وفي بريد إلكتروني آخر أُرسل بتاريخ 11 مارس (آذار) 2014، قال خطيب زاده لزهراني: "لقد تمت مناقشة فكرة مشروع الخبراء الإيرانيين بيني وبين خبيرين شابين كنا (أنا وأنت) قد التقينا بهما في مؤتمر براغ:وهما أرين طباطبائي ودينا اسفندياري. اتفقنا نحن الثلاثة على أن نكون النواةالرئيسية لخطة خبراء إيران.
وقد كتب أعضاء هذه الشبكة مقالات لشرح والدفاع عن سياسة إيران الخارجية وأنشطتها النووية والعسكرية، وأجروا مقابلات مع وسائل الإعلام المرموقة، وحضروا في المؤتمرات، وقدموا النصائح للحكومات الغربية بشأن إيران. وفي جميع الحالات، قدموا أنفسهم كمحللين مستقلين.
ثقة الأطراف الدولية في علي واعظ
العضو الرئيسي الآخر في الشبكة كان علي واعظ. عينه مالي في مجموعة الأزمات الدولية عام 2012.
وجاء في مقال نشرته مجموعة الأزمات على موقعها الإلكتروني عام 2015 عن واعظ ودوره في الاتفاق النووي، إنه"يحظى بثقة الأطراف في حياده"، وأن "الولايات المتحدة وروسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا دعت واعظ لتبادل الآراء عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني أو الاجتماع شخصيا في موقع التفاوض".
وأنشأ مالي قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة "الأزمات الدولية" عام 2002 وتولى إدارة هذا القسم.
بعد تعيينه في فبراير (شباط) 2014 في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في عهد أوباما، غادر مالي مجموعة الأزمات، لكنه استمر في استخدام واعظ كحلقة وصل مع ظريف.
وتظهر الوثائق أن مالي أرسل واعظ ممثلا له للقاء مسؤولين إيرانيين في فيينا.
سافر واعظ إلى طهران في مارس (آذار) 2014 مع 3 من كبار أعضاء مجموعة "الأزمات الدولية". والتقوا مع أكبر هاشمي رفسنجاني، الرئيس السابق ثم رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام.
وبحسب رسالة بالبريد الإلكتروني من واعظ إلى زهراني، خطط مالي لمرافقتهم في هذه الرحلة، لكن خطته ألغيت بعد تعيينه في إدارة أوباما.
وبحسب هذه الوثائق، وبعد شهر من هذا اللقاء، طلب واعظ لقاء آخر في فيينا عبر زهراني.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 3 أبريل (نيسان) 2014، سأل زهراني ظريف: "بناء على أمر رئيس مالي السابق، سيأتي علي واعظ إلى فيينا. مَن يجب أن يلتقي به مِن أعضاء مجموعتنا؟"
وتظهر هذه الرسالة الإلكترونية أن مالي كان على علم بالعلاقة الوثيقة بين بعض مساعديه ومستشاريه مع المسؤولين الإيرانيين.
وقالت إليسا جوبسون، مديرة أولى للدعاية في مجموعة الأزمات، ردا على سؤالنا حول هذه الرسالة الإلكترونية المسربة من وزارة الخارجية الإيرانية، إن الحكومة الإيرانية إما ارتكبت خطأ في تأطير القضية أو قدمت معلومات خاطئة عمدا. "كل أعمالنا مستقلة. نحن لا نعمل كوسطاء لأحد."
في الوقت نفسه، وسعت "شبكة الشباب" نطاق نفوذها ليشمل مؤسسات الفكر والرأي الأوروبية، واستناداً إلى رسائل البريد الإلكتروني، أقامت علاقة مع بعض محلليها الإيرانيين. ومن بينهم إيلي غرانمايه، مساعدة رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وروزبه بارسي، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد السويدي للشؤون الدولية، وعدنان طباطبائي، أحد أبرز خبراء العلاقات الدولية، ومن المؤسسين والرئيس التنفيذي لمركز البحوث التطبيقية للتعاون مع الشرق.
وأكد مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي ومجموعة الأزمات وجود "خطة خبراء إيران" في تعليقات منفصلة في مراسلات معنا، لكنهما نفيا علاقتها بطهران.
وقال متحدث باسم المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية لـ"إيران إنترناشونال": "خلال المفاوضات النووية بين عامي 2013 و2015، التقى طاقم المجلس مع مسؤولين أوروبيين وأميركيين وإيرانيين لمناقشة التقدم المحرز في المفاوضات الجارية".
وأضاف المتحدث: "على حد علمنا، فإن خطة خبراء إيران كانت خطة تدعمها حكومة أوروبية، ويشارك فيها أحيانا أعضاء المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لكن لم يكن لهم أي دور في إدارتها". ورفض تسمية هذه الحكومة الأوروبية.
وقال المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إن موظفيه مستقلون ولا يتصرفون نيابة عن أي حكومة أو مؤسسة.
وقدمت جوبسون من مجموعة الأزمات، ردًا على أسئلتنا حول علي واعظ ودينا اسفندياري، توضيحات نيابة عنهم. وقالت إن "مشروع خبراء إيران" كان بمثابة "منصة غير رسمية" للباحثين من مختلف المنظمات للقاء المسؤولين الإيرانيين ومعهد الدراسات السياسية والدولية.
وأضافت جوبسون: "لقد كان المشروع أداة لتسهيل المحادثات البحثية، وليس هيئة رسمية يوجه فيها شخص ما المشاركين... في ذلك الوقت، تمت دعوة عضو واحد فقط من فريق الأزمات إلى هذه الاجتماعات، وبخلاف ذلك، لم يكن له أي تدخل في خطة الخبراء. "وقد انضم لاحقًا إلى طاقمنا باحث آخر كان أكثر انخراطًا في خطة خبراء إيران".
وقالت إن "خطة الخبراء الإيرانيين" تحظى بدعم مالي من منظمات أوروبية، بما في ذلك دولة أوروبية. ورفضت ذكر اسمها.
السلطات الإيرانية و"خطة خبراء إيران"
وتظهر الوثائق التي تمت مراجعتها أن السلطات الإيرانية اقترحت الفكرة الأولية لخطة خبراء إيران ونظمت الاجتماعات الأولى واللاحقة لهذه المجموعة.
وتظهر الوثائق أيضًا أن المسؤولين الإيرانيين هم من حددوا التشكيل الأولي للمجموعة وحددوا مواعيد وأماكن الاجتماعات.
كما تم إرسال الدعوات لحضور الاجتماعات من قبل معهد الدراسات السياسية والدولية. وتظهر الوثائق أن وزارة الخارجية الإيرانية قامت بدفع إيجار أماكن الاجتماعات.
ورفض عدنان طباطبائي، من مركز البحوث التطبيقية للتعاون مع الشرق، التعليق على رسائل البريد الإلكتروني في مراسلتنا معه، قائلاً إن هذا التقرير البحثي "مبني على أكاذيب وافتراضات خاطئة". ولم يقدم المزيد من التوضيحات. كما وصف رسائل البريد الإلكتروني هذه بأنها مزيفة.
صحة رسائل البريد الإلكتروني
ولم يزعم أي من المحللين الآخرين الذين اتصلت بهم "إيران إنترناشيونال" للتحقق من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم أن رسائل البريد الإلكتروني هذه مزيفة. كما أن الدراسة المتخصصة والفنية لرسائل البريد الإلكتروني هذه، والتي طلبتها "إيران إنترناشيونال"، تشير أيضًا إلى صحة هذه الوثائق.
وردا على سؤال "إيران إنترناشيونال" حول رسائل البريد الإلكتروني هذه، قال روزبه بارسي من المعهد السويدي للشؤون الدولية: "من الطبيعي أن يلتقي المحللون والأكاديميون مع المسؤولين والخبراء من مختلف الأطراف في المفاوضات أو الصراع من أجل إثراء تحليلاتهم. "
الاجتماع الأول في فيينا
وتظهر الوثائق أنه في 14 مايو (أيار) 2014، اجتمع أعضاء هذه المجموعة لأول مرة في إحدى غرف فندق "باله كوبورغ" في فيينا. ولم تؤت جهود خطيب زاده لعقد هذا الاجتماع في طهران بثمارها بعد معارضة تخت روانشي.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 5 مارس (آذار) 2014، كتب خطيب زاده إلى تخت روانشي: "كانت الفكرة الأولية التي كانت لدي أنا والدكتور زهراني هي عقد ورشة عمل تدريبية في إيران مع الأعضاء الرئيسيين في هذا المشروع، لكن بسبب اقتراحك والاعتبارات اللوجستية، وكذلك تعقيد جلبهم جميعًا إلى طهران في مثل هذا الوقت القصير، اتفقنا على إيجاد مكان لهم في أوروبا".
كان "باله كوبورغ" هو المكان الذي عقدت فيه إيران والدول الأعضاء في الاتفاق النووي المفاوضات النووية في عام 2014.
في ذلك الوقت، كان ظريف في فيينا لإجراء مفاوضات نووية مع القوى العالمية المعروفة باسم مجموعة 1+5. وبحسب رسالة أرسلها أحد الحضور، فقد شارك ظريف في اجتماعات "شبكة الشباب" وتحدث مع أعضاء هذه الشبكة.
وبحسب الوثائق، فقد عقد هذا الاجتماع بحضور 8 محللين إيرانيين من مراكز بحث غربية وبعض الخبراء والدبلوماسيين الإيرانيين.
وعلى الرغم من شكوكه الأولية بشأن "شبكة الشباب"، رحب ظريف بهذه المنظمة وقرر تحويلها إلى مؤسسة لتحقيق أهداف سياسته الخارجية.
وفي الاجتماع الأول لمجموعة "شبكة الشباب" حدد ظريف خريطة طريق وفلسفة للشبكة، وقال إن نفطة ضعف إيران في المفاوضات النووية هي عدم وجود شخص ماهر يستطيع تقديم خطاب مقنع لتعزيز "مصالح" طهران.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلها إلى ظريف بعد 5 أيام من الاجتماع، كتب عدنان طباطبائي: "أنت على حق، ومن المؤسف أن إيران ليس لديها بوب أينهورن الخاص بها، الشخص الذي يمكنه لفت الانتباه إلى قضية إيران؛ نفس الشيء الذي يفعله أينهورن بالنسبة لأميركا أو لمجموعة 5+1."
كان روبرت أينهورن مستشارًا خاصًا لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون حظر إنتاج وانتشار أسلحة الدمار الشامل والحد من الأسلحة، ولعب دورًا رئيسيًا في صياغة وتنفيذ السياسات الأميركية تجاه البرنامج النووي الإيراني، سواء في مجال العقوبات وفي المفاوضات بين إيران ودول مجموعة 5+1. انضم أينهورن إلى معهد "بروكينغز" في عام 2013.
وانبهر المحللون الإيرانيون بكلمات ظريف. واستغلت السلطات الإيرانية المشاعر القومية لدى معظم المحللين من الجيل الثاني، ومنحتهم إمكانية الوصول إلى مسؤولين رفيعي المستوى في النظام الإيراني، ودعتهم لزيارة طهران. وفي المقابل، أبدى هؤلاء المحللون حرصهم على التعاون ودعم سياسة طهران الخارجية الجديدة، التي تهدف إلى إظهار البرنامج النووي الإيراني سلمياً وشفافاً.
مهمة "خطة خبراء إيران"
وبعد اجتماع فيينا، زادت المراسلات بين هؤلاء المحللين ووزارة الخارجية الإيرانية بشكل حاد. وأخذ المحللون يشاركون مقالاتهم، المنشورة حول إيران في وسائل الإعلام الغربية، مع مسؤولي وزارة الخارجية الإيرانية.
بعد أقل من شهر من اجتماع فيينا، أرسل واعظ إحدى مقالاته حول حلول المواجهة النووية بين إيران والغرب إلى زهراني لمراجعتها قبل النشر. وكان في ذلك الوقت كبير محللي الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية.
وفي 4 يونيو (حزيران) 2014، أرسل بريداً إلكترونياً إلى زهراني وأرفق مقالاً بعنوان: "المخاطر المعرفية للدبلوماسية النووية مع إيران" وكتب: "أنا في انتظار تعليقاتكم وملاحظاتكم".
هذه الرسالة الإلكترونية أرسلها زهراني إلى ظريف في اليوم نفسه، ونشر هذا المقال بعد 12 يوما تحت عنوان "مساران زائفان في مفاوضات إيران" مع تغييرات طفيفة في مجلة "ناشيونال إنترست". ومن غير المعروف ما إذا كان ظريف اقترح أي تغييرات أم لا، لأن رده لم يتم العثور عليه في هذه المجموعة من رسائل البريد الإلكتروني.
يذكر أن معظم مؤسسات الفكر والرأي لديها سياسات صارمة بشأن مشاركة أوراق أعضائها مع أشخاص خارج المنظمة قبل النشر.
وقالت جوبسون من مجموعة الأزمات: "نحن بالتأكيد لا نشارك مقالاتنا مع أي حكومة أو مؤسسة للحصول على المصادقة عليها"، لكنها أضافت أنهم يشجعون موظفيهم أيضًا على مشاركة النصوص ذات الصلة مع صانعي السياسات لضمان دقتها وحيادها.
وبعد أقل من أسبوع من اجتماع شبكة الشباب في فيينا، أرسل عدنان طباطبائي بريداً إلكترونياً إلى ظريف واقترح على أعضاء المجموعة إعداد مقالات لنشرها باسم السلطات الإيرانية.
وقال في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى ظريف في 19 مايو (أيار) 2014: "كنت سعيدًا جدًا بلقائك في فيينا".
وأضاف: "اقتراحنا هو العمل كمجموعة على ورقة (2000 كلمة) تتعلق بالمفاوضات الحالية... وسنرسل إليكم بعد ذلك مسودتنا - يمكن أن تكون تحت تصرفكم بالكامل. على سبيل المثال، يمكن نشرها تحت اسم مسؤول سابق - من خلال CSR أو معهد الدراسات السياسية والدولية - وبالطبع بعد قيامك أنت وفريقك بمراجعة الورقة."
وبعد 4 أيام، ردًا على عدنان الطباطبائي، قَبِل ظريف هذا الاقتراح وكتب أن "هذه المقالات أو الافتتاحيات" ستُنشر بأسماء إيرانية وغير إيرانية مختلفة في الخارج بالإضافة إلى مسؤولين إيرانيين سابقين. كما تم إرسال نسخة من رد ظريف إلى زهراني.
طباطبائي وعلاقته بالمسؤولين الإيرانيين
وبحسب مصدر مطلع، فإن عدنان طباطبائي عمل مستشاراً لدى مجموعة "الأزمات الدولية" بعد الاتفاق النووي. وكان لديه إمكانية الوصول إلى كبار المسؤولين الإيرانيين وأجرى مقابلات معهم في مركز الأبحاث هذا. ويتم استشارته أيضًا من قبل صناع القرار الأوروبيين، ووفقًا لموقع مركز البحوث التطبيقية للتعاون مع الشرق فإن عدنان طباطبائي لا علاقة عائلية له بأرين طباطبائي.
بعد 3 أسابيع تقريباً من اجتماع "شبكة الشباب" في فيينا، كتبت آرين طباطبائي ودينا اسفندياري مقالاً لنشرة علماء الذرة حول احتياجات إيران من إمدادات الوقود النووي.
وأرسلت طباطبائي رابط المقال إلى زهراني، وقالت: "كما ذكرت الأسبوع الماضي، كتبت أنا ودينا مقالاً للنشرة حول الوقود النووي في بوشهر، وقد نُشرت اليوم. وكنا نحاول في المقال إظهار أن الحديث في الغرب عن أن إيران لا تحتاج إلى أكثر من 1500 جهاز طرد مركزي هو حديث خاطئ، ولا ينبغي لنا أن نتوقع من إيران أن تخفض عدد أجهزة الطرد المركزي بالقدر الذي يقوله البعض". وقد أرسل زهراني هذه الرسالة الإلكترونية إلى ظريف في نفس اليوم.
وبعد حوالي شهر، في 14 يوليو (تموز)، أرسلت أرين طباطبائي لزهراني رابطاً لمقاله في بوسطن غلوب، والذي تناول "خمسة مفاهيم خاطئة حول برنامج إيران النووي". كان الغرض من هذا المقال شرح وتبرير فتوى المرشد الإيراني علي خامنئي، بشأن تحريم إنتاج واستخدام الأسلحة النووية.
ويشكك البعض في صدق هذه الفتوى بسبب عدم ثقة الجمهور بالنظام الإيراني والمرونة المتأصلة في التفسيرات الدينية.
وقررت "شبكة الشباب" عقد اجتماعها الثاني في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2014 في طهران، على هامش المؤتمر الذي نظمه المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ومركز الدراسات السياسية والدولية.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 14 سبتمبر (أيلول) 2014، أخبر خطيب زاده تخت روانشي أنه بعد اجتماع "شبكة الشباب" في فيينا، نشطت هذه المجموعة ونشرت مقالات وعقدت اجتماعات. وقال خطيب زاده إن زهراني هيأ الظروف لورشة تدريبية ليوم واحد في طهران "بحضور 8 أشخاص من النواة المركزية للشبكة".
وتظهر الوثائق أن جدول أعمال ورشة العمل التي استمرت يومًا واحدًا في طهران كان يهدف إلى "إقناع المتشككين المحليين والأجانب بالاتفاق [النووي] الشامل" وزيارة محتملة لمفاعل طهران البحثي.
خطة خبراء إيران والاتفاق النووي
تسارعت أنشطة شبكة الشباب مع تكثيف المفاوضات النووية. وتوصلت إيران ومجموعة "5+1" إلى الإطار الأولي للاتفاق النووي في 2 أبريل (نيسان) 2015 في لوزان، سويسرا. ولكن لم يتم الانتهاء من الاتفاق بعد وما زال الجانبان يحاولان الإصرار على مطالبهما في اللحظة الأخيرة. وفي هذا الوضع، استخدمت المجموعة المعروفة باسم "خطة خبراء إيران" كل إمكاناتها لدعم مواقف طهران ومطالبها.
في 14 أبريل (نيسان) 2015، أرسل خطيب زاده عبر البريد الإلكتروني إلى زهراني قائمة بالمقالات والمقابلات التي نشرها أعضاء مشروع خبراء إيران في الأسبوع الذي تلا إعلان لوزان. وقد أرفق 10 وثائق منفصلة بصيغة Word بهذه الرسالة الإلكترونية، كل واحدة باسم أحد أعضاء هذه الشبكة، بما في ذلك علي واعظ، وأرين طباطبائي، وعدنان طباطبائي، ودينا اسفندياري، وإيلي غرانمايه، وروزبه بارسي.
وكتب خطيب زاده في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى زهراني، أُرسلت أيضًا إلى ظريف وتخت روانشي في نفس اليوم: "فقط بعض الأعمال المهمة التي قام بها بعض الأصدقاء، بعد نشر إعلان لوزان، خلال الأسبوع الأول بعد ذلك، يتم إرسالها للاطلاع عليها. كنا على اتصال دائم وعملنا بجدية وإصرار على مدار الساعة. كان بعض الأصدقاء وسيلة إعلامية في حد ذاتهم."هذا فضلا عن مئات التغريدات والمشاركات... في الفضاء الافتراضي التي كانت بلا شك فريدة من نوعها ومحدثة موجة بطريقتها الخاصة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأعمال ليست باللغة الإنجليزية فحسب، بل تم نشرها بعدة لغات دولية أخرى على الأقل.
دعم المحللين لسياسات طهران
وعلى الرغم من ادعاء خطيب زاده أن هؤلاء الأشخاص العشرة تعاونوا مع وزارة الخارجية الإيرانية لنشر مقالاتهم والمشاركة في المؤتمرات، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان لدى هؤلاء المحللين أيضًا وجهة نظر مماثلة حول أفعالهم أو ما إذا كان خطيب زاده قد بالغ في دورهم.
وتظهر القائمة التي أعدها خطيب زاده أن أرين طباطبائي نشرت 4 مقالات في وسائل إعلام مثل "فورين بوليسي" وأجرت مقابلات مع مواقع إخبارية مثل "هافينغتون بوست" ووكالة أنباء "فارس" التابعة للحرس الثوري الإيراني في أسبوع واحد تقريبًا، معظمها يدعم وجهة نظر طهران.
وكتبت طباطبائي ودينا اسفندياري في مقال لمجلة "ناشيونال إنترست" أن إيران "أقوى من أن يتم احتواؤها"، وأن "طهران لا تحتاج إلى اتفاق لتصبح قوية وتعزز موطئ قدمها في المنطقة".
وأشادت أرين طباطبائي بظريف في مقال لصحيفة "ديبلمات"، وذكرته هو وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي قُتل في غارة جوية أميركية في بغداد عام 2020، باعتبارهما "الوجوه الأكثر شعبية في إيران"، بحجة أن هذين "يشكلان علامة على المرونة ومجموعة واسعة من الأدوات التي تمتلكها إيران تحت تصرفها".
وفي العقود الأخيرة، أدار سليماني تدخلات إيران في الشرق الأوسط، وشكل شبكة من الميليشيات الوكيلة في العراق، وأرسل عشرات الآلاف من المقاتلين من إيران ودول أخرى إلى سوريا لدعم بشار الأسد، وزاد دعم إيران لحزب الله اللبناني، وهيأ الحوثيين في اليمن للتمرد ضد حكومة هذا البلد آنذاك.
وفي القائمة التي أعدها خطيب زاده لإظهار مساهمات آرين طباطبائي في تعزيز مكانة إيران في الغرب، هناك روابط لما يقرب من عشر مقابلات أجرتها مع وسائل الإعلام مثل "الإذاعة الوطنية الأميركية"، و"بي بي سي"، و"فرانس 24" و"الجزيرة". كما أشار خطيب زاده إلى مشاركتها في اجتماعات جامعة جورج تاون الأميركية ومعهد الاستشراف والأمن في أوروبا.
وقدم خطيب زاده قائمة منفصلة لإظهار مدى مساهمة واعظ في تحقيق أهدافهم. وتضمنت هذه القائمة اقتباسات ومقابلات مع ما يقرب من 20 وسيلة إعلام مثل "رويترز" و"سي بي إس" و"بلومبرغ" و"أتلانتيك" و"فايننشال تايمز"، والتي أوضحت موقف إيران وبررت منطق سياساتها.
وفي نفس البريد الإلكتروني، قال خطيب زاده إنه لو كان عملهم أكثر تركيزًا من خلال تشكيل لجنة على هامش لوزان، لكان من الممكن أن تكون إنجازات الشبكة أكثر من ذلك بكثير.
تأثير طهران على أعضاء الشبكة
رحبت مؤسسات الفكر والرأي والجامعات الغربية بقنوات الاتصال الجديدة التي أنشأها أعضاؤها الشباب مع السلطات الإيرانية. ونظموا ورش عمل مشتركة مع مركز الدراسات السياسية والدولية في طهران، وكانت اجتماعاتهم في العواصم الغربية مزدحمة وجذابة بالخطابات وحضور كبار المسؤولين الإيرانيين، ومن بينهم زهراني وظريف.
ومع ذلك، بدلاً من العمل كوسطاء، قام بعض هؤلاء المحللين الإيرانيين بتكوين اتصالات سراً مع المسؤولين الإيرانيين ودافعوا علناً عن موقف النظام الإيراني في الأحداث والمناقشات.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 27 يونيو (حزيران) 2014، أبلغت أرين طباطبائي زهراني أن جامعة بن غوريون في إسرائيل دعتها لحضور ورشة عمل حول الحد من التسلح والبرنامج النووي الإيراني.
سألت أرين طباطبائي: "أردت أن أسأل عن رأيك وأرى إذا كنت تعتقد أنني يجب أن أقبل الدعوة وأذهب".وفي اليوم نفسه، أجاب زهراني: "الأفضل عدم القيام بها".
ولم يجد بحثنا أي دليل على أن طباطبائي سافرت إلى إسرائيل لحضور هذا المؤتمر، على الرغم من أن كتبها وتقاريرها البحثية تشير إلى أنها أجرت مقابلات مع العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين. ولم تستجب جامعة بن غوريون لطلبنا للحصول على مزيد من المعلومات.
وبعد أسبوعين، في يوليو (تموز) 2014، تلقت طباطبائي رسالة بريد إلكتروني من مركز "بيلفر" بجامعة هارفارد يسألها عما إذا كان يمكنها حضور اجتماع لأعضاء لجان العلاقات الخارجية والقوات المسلحة والاستخبارات في الكونغرس الأميركي حول الاتفاق النووي الإيراني. وقد دُعي معها أيضًا اثنان من أساتذة جامعة هارفارد، غاري سيمور ووليام توبي، اللذان تعتقد طباطبائي أنهما معارضان لسياسات النظام الإيراني.
وفي اليوم نفسه، أبلغت طباطبائي زهراني وطلبت منه التوجيه: "من المقرر أن أذهب إلى الكونغرس للحديث عن البرنامج النووي. سوف أزعجك في الأيام القادمة". وأضافت: "نظراً لأن "ويل" و"غري" ليس لديهما رأي إيجابي بشأن إيران، فسيكون الأمر صعباً بعض الشيء". وقد أرسل زهراني الرسالة الإلكترونية إلى ظريف بعد يومين.
وبحسب رسائل البريد الإلكتروني، حضرت أرين طباطبائي، في 2 يونيو (حزيران) 2014، مؤتمرًا في إيران، وناقشت خلال الرحلة نفسها مشروع التعاون مع مركز الدراسات السياسية والدولية. ليس من الواضح من رسائل البريد الإلكتروني ما إذا كان من المفترض دفع أموال مقابل هذا التعاون أم لا.
وكتبت: "سأكون سعيدًة جدًا بالوصول إليك قبل الاجتماعات مع الآخرين لمناقشة اقتراحك لمواصلة خطتي في مكتب الدراسات".
تعمل أرين طباطبائي في وزارة الدفاع الأميركية منذ عام 2022 وتحمل حاليًا تصريحًا أمنيًا صادرًا عن الحكومة الأميركية.
الموقف الأميركي من علاقة أرين طباطبائي بطهران
وقال مسؤول أميركي كبير سابق في حديث مع "إيران إنترناشيونال" بعد سماعه لما ورد أعلاه، إن معرفة وجود مثل هذه العلاقة بين أرين طباطبائي وحكومة أجنبية، وخاصة إيران، كان ينبغي أن تمنعها من الحصول على مثل هذا التصريح الأمني.
وقال المسؤول الأمريكي الكبير السابق لنا: "سواء كانت مسجلة رسميًا كعميلة لحكومة أجنبية أم لا، لم يكن ينبغي أن تحصل على تصريح أمني لأنها كان لديها تفاعلات مع قوة معادية للتأثير على سياسة الولايات المتحدة".
ورفضت وزارة الخارجية والبنتاغون التعليق على محتوى المراسلات المتعلقة بخطة خبراء إيران، لكنهما قالا إنهما يدافعان عن أرين طباطبائي وعملية الحصول على التصريح الأمني الخاص بها. وقال البنتاغون في بيان: "إن مؤهلات الدكتورة طباطبائي كشرط لتوظيفها في وزارة الدفاع تم التحقيق فيها بشكل صحيح وكامل".
العقل المدبر
مصطفى زهراني أو ترك زهراني، دبلوماسي متعلم في أميركا، يعرج قليلاً أثناء المشي؛ وحاصل على وسام شرف في نظام الجمهورية الإسلامية يشهد على انضمامه إلى الحرس الثوري الإيراني، وإصابته في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي. وقد تم تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية من قبل وزارة الخارجية الأميركية.
وفي عام 2001 عمل في البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، واستنادا إلى خطاب خاص لأعضاء مركز الدراسات السياسية والدولية في عام 2020، شهد شخصيا انهيار البرجين في 11 سبتمبر (أيلول). وقد اطلعت "إيران إنترناشيونال" على نسخة من هذا الخطاب.
وتظهر مقالات وخطب زهراني أنه ضد السياسة الخارجية الأميركية والعقوبات التي تفرضها، ويعتقد بقوة أن تصوير إيران كخطر جدي "صنعته النخب ووسائل الإعلام الأميركية" هو "وهم". واعتبر "خطة خبراء إيران" أفضل فرصة له لتحدي هذه الرواية وحتى تغييرها.
كما أتاحت له إدارة مركز الدراسات السياسية والدولية الفرص. واستخدم زهراني صداقته مع المحللين لدعوته لحضور اجتماعات مراكز الأبحاث البارزة، وطلب نشر مقالاته في وسائل الإعلام المرموقة لتعزيز موقفه في الجامعات الإيرانية.
في 1 يوليو (تموز) 2021، أرسل إحدى مقالاته إلى تريتا بارسي، شقيق روزبه، ومساعد الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي للحوكمة المسؤولة، قائلاً إنه بحاجة إلى المشورة والمساعدة.
وكتب: "إن نشر المقال المرفق، الذي كتبته أنا، في مجلة مصنفة ضمن تصنيف ISI، سيساعدني في أن أصبح أستاذًا. هل لديكم أي نصيحة في هذا الصدد؟ أنا أيضا ليس لدي الكثير من الوقت."
وردًا على ذلك، طلب تريتا بارسي، الرئيس السابق للمجلس الوطني الإيراني الأميركي (NAIAC)، التحدث مع زهراني عبر Skype أو Google Meet لمناقشة المقال و"الأحداث الأخيرة".
ولم يستجب بارسي لطلب "إيران إنترناشيونال" للتعليق على هذا الأمر.
الوضع الراهن
وقد سمحت مكانة وخلفية زهراني بالتعرف على الميول القومية القوية للجيل الثاني من الإيرانيين ويوظفها.
غالبًا ما تربط السلطات الإيرانية مفهوم "القومية" بدعم سياسات نظام الجمهورية الإسلامية. بينما يعتقد العديد من الإيرانيين الذين يعتبرون أنفسهم وطنيين أن البرنامج النووي بمثابة كارثة للبلاد، وأهدر مليارات الدولارات، وأدى إلى تراجع التنمية في إيران لعقود من الزمن.
في 22 أغسطس (آب) 2015، كتب زهراني في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى ظريف أنه فوجئ في الليلة السابقة عندما رأى "واعظ" يظهر في مؤتمر براغ "وحيدا" أمام عضو متشدد في الكونغرس الأميركي، وإسرائيلي من حزب الليكود، وخبير عربي في نزع السلاح، وغير الأجواء (لصالح طهران) بأسلوب "منطقي، وشجاع،... وكان فنيا ووطنيا للغاية".
وكتب لظريف: "حزنت وقلت في نفسي إن هذا الشخص كان يتوسل للقدوم إلى بلاده إيران قبل ساعات قليلة، لكني أخاف أن أحقق طلبه".
لم يكن هذا الولاء غريبا، ففي 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2014، حاول واعظ الرد على استياء ظريف من التقرير الأخير لمجموعة الأزمات الدولية حول إيران في رسالة بالبريد الإلكتروني.
وكتب: "باعتباري إيرانيا، وانطلاقا من واجبي الوطني، لم أدخر شيئا من أن أقترح على سموك لمساعدة فريقكم في إعداد تقرير حول احتياجات إيران العملية في الملف النووي".
وأوضح واعظ أن تقارير مجموعة الأزمات الدولية تُكتب بطريقة جماعية، أي أنه ليس صاحب القرار النهائي في نشرها.
كما كتب عدنان طباطبائي إلى ظريف في 19 مايو (أيار) 2014، بعد اجتماع أعضاء "شبكة الشباب" في فيينا: "كما لاحظتم، نحن جميعا على استعداد تام لاستخدام قدراتنا ومواردنا في خدمة العمل المشترك لتحسين العلاقات الخارجية الإيرانية وموقف بلدنا إيران، لذلك نشعر أيضًا بالحاجة والمسؤولية للقيام بدورنا. عندما أقول "نحن" أعني المجموعة التي أنت التقيت بها".