أعلنت السلطة القضائية في إيران عن فتح دعوى قضائية ضد المغنية برستو أحمدي وفريقها الفني بعد إحيائها حفلاً موسيقياً دون ارتداء الحجاب الإجباري في أحد الأماكن التاريخية الإيرانية.
جاء ذلك بعد بث الحفل عبر قناة المغنية على منصة "يوتيوب"، ما أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووفقاً لتصريحات وكالة "ميزان"، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، فإن الحفل اعتُبر "غير قانوني"، وأكدت الوكالة أنه تم فتح ملف قضائي بحق الفنانة ومنظمي الحدث، مشيرة إلى اتخاذ ما وصفته بـ"الإجراءات المناسبة"، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وشهد الحفل تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أُقيم في أحد المواقع التاريخية بإيران، واعتُبر خطوة جريئة في سياق رفض العديد من النساء الإيرانيات لفرض الحجاب الإجباري.
تأتي هذه الخطوة استكمالاً للموجة التي أطلقتها حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، التي برزت بعد الاحتجاجات الواسعة التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني في عام 2022 أثناء احتجازها لدى "شرطة الأخلاق".
وفي منشور لها على منصاتها، صرحت برستو أحمدي: "أنا فتاة ترغب في الغناء لأبناء وطنها. هذا حق لم أستطع التخلي عنه؛ أن أغني للأرض التي أحبها بعمق".
وظهرت الفنانة مرتدية قلادة على شكل خريطة إيران، مضيفة: "في هذا المكان العزيز من وطننا، حيث تتلاقى الأساطير والتاريخ، استمعوا إلى صوتي وتخيلوا هذا الوطن الجميل".
وقد رافق الفنانة في الحفل فريق موسيقي يضم إحسان بيرقدار، وسهيل فقيه نصيري، وأمين طاهري، وأمير علي بيرنيا.
يشار إلى أنه منذ الثورة الإسلامية عام 1979، يُحظر في إيران غناء النساء في الأماكن العامة، حتى لو كن يرتدين الحجاب، باستثناء الحفلات الخاصة التي تقتصر على حضور النساء فقط. كما أن بث غناء النساء عبر وسائل الإعلام الرسمية ممنوع.
وعلى مدى سنوات، تكررت حالات إلغاء حفلات موسيقية بسبب مشاركة مغنيات أو عازفات، إضافة إلى ملاحقة قضائية لفنانات غنين في الأماكن العامة.
وقد لاقى الحفل إشادة واسعة في الأوساط الفنية والاجتماعية. ووصف كثيرون الخطوة بأنها "رمز شجاعة وتمرد على القيود المفروضة على النساء في إيران".
وقارن البعض هذه الخطوة بتاريخ قمر الملوك وزيري، أول مغنية إيرانية ظهرت دون حجاب على المسرح، بينما شبّه آخرون الحدث بوقوف الناشطة فيدا موحد على صندوق في شارع الثورة بطهران عام 2017، احتجاجاً على الحجاب الإجباري.
ووصف الناشط السياسي حسين رونقي الحفل بأنه "تجسيد لجمال الحرية وإرادة النساء". وقال: "قدمت لنا صورة مشرقة عن إيران المستقبل؛ وطن يتمتع فيه الجميع بالحرية، حيث صوت المرأة ليس محظوراً".
كما كتب داريوش زند، الناشط الحقوقي: "هذا الحفل ليس افتراضياً كما يُقال، بل هو أول حفل حقيقي يُقام في إيران منذ 45 عاماً".
ورغم تعرض برستو أحمدي سابقاً للملاحقة القضائية بعد أدائها أغنية "من دماء شباب الوطن" خلال احتجاجات عام 2022، وعلمها بمخاطر هذه الخطوة، استمرت في النضال للمطالبة بحقوق النساء في إيران ما زاد من تقدير وإعجاب الجمهور بجرأتها.
واعتبر الكثير أن الحفل يعكس إصرار النساء الإيرانيات على تحدي القيود والمطالبة بحقوقهن المشروعة.