يومًا بعد يوم تزداد الأصوات المعارضة لعلي خامنئي والنظام الإيراني؛ ففي صفوف الملايين الذين يسعون للإطاحة بهذا النظام، تظهر جماعات متنوعة تشمل الجمهوريين، الملكيين، والأحزاب المختلفة، بل وأفراد مستقلون يمتلكون تأثيرًا يفوق أحيانًا تأثير الأحزاب.
وتنتشر هذه الأصوات المعارضة بين جميع فئات المجتمع، سواء داخل إيران أو خارجها. وعلى الرغم من أهمية الاحتجاجات والنشاطات المعارضة في الخارج، والتي تشكل جزءًا مهماً من الحركة العامة للشعب الإيراني للتخلص من النظام، فإن أصوات المعارضة داخل إيران أصبحت أعلى وأكثر جرأة من أي وقت مضى.
وتتحدث هذه الأصوات بصراحة عن النظام وشخص خامنئي، وتحمّله المسؤولية المباشرة عن الوضع الحالي في البلاد، على الرغم من إدراكها للتكاليف الباهظة التي قد تترتب على مواقفها.
أصوات من جميع الفئات
تشمل هذه الأصوات شخصيات بارزة مثل نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وبهارة هدايت، ومجيد توكلي، بالإضافة إلى ناشطين سياسيين ومدنيين آخرين. ومن بين هؤلاء أيضًا أساتذة جامعيون مثل حاتم قادري، الذي ينتقد النظام في خطابات وتحليلات مستندة إلى أسس علمية وسياسية. مثال على ذلك، تعليقاته حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي وصفها بأنها "مسرحية سياسية" بقوله: "حفنة من الحبوب لا تستحق كل هذا الجدل".
كما أن فاطمة سبهري، وهي امرأة محجبة تنتمي لعائلة شهيد، تقف علنًا ضد خامنئي و"جمهوريته الإسلامية". وتُظهر مواقفها فشل النظام في استخدام الحجاب وعائلات الشهداء كأدوات دعائية لقمع الشعب.
معارضة من الداخل
من اللافت أيضا أن بعض الشخصيات التي كانت سابقًا جزءًا من النظام أصبحت اليوم من أشد معارضيه. وأبرز هذه الشخصيات أبوالفضل قدیاني، الذي كان يومًا مؤيدًا للنظام، ولكنه الآن يصف خامنئي بالدكتاتور ويدعو صراحة إلى إسقاط النظام. كذلك مهدي نصيري، رئيس التحرير السابق لصحيفة "كيهان" وأحد المقرّبين من خامنئي في المجال الإعلامي، أصبح معارضًا صريحًا للنظام.
هذه الأصوات التي تنتقد المرشد والنظام بشكل مباشر، تُسهم بشكل كبير في إضعاف شرعية النظام. ومع ذلك، هناك من يشكك في دوافع بعض هذه الشخصيات، معتبرًا أن انتقاداتهم قد تكون جزءًا من مشروع حكومي يهدف إلى تشتيت المعارضة، ولكن لا توجد أدلة قاطعة تدعم هذه الادعاءات.
مصداقية المعارضة
لا يمكن افتراض أن كل من ينتقد النظام علنًا هو جزء من مشروع حكومي دون أدلة. مثل هذا الافتراض ينطلق أحيانًا من رؤية مبالغ فيها لقوة النظام وسيطرته المطلقة، بينما الواقع يُظهر ضعفًا متزايدًا للنظام وقائده.
جدير بالذكر أن النظام الإيراني لديه سجل طويل في محاولة خلق معارضين مزيفين أو التسلل إلى صفوف المعارضة لإحداث انقسامات. ولكن هذا لا يعني أن كل صوت معارض هو بالضرورة جزء من هذه المحاولات. خصوصًا عندما يتعلق الأمر بشخصيات تطالب صراحة بإسقاط النظام وتصف خامنئي بالدكتاتور.
أمثلة على الشجاعة
من الأمثلة البارزة التي أثارت الجدل مؤخرًا، "حفلة افتراضية" أقامتها الفنانة برستو أحمدي. وفي هذه الحفلة، تحدّت الفنانة الحجاب الإجباري وأكدت على حق النساء في الغناء. وعلى الرغم من جرأتها، اعتبرها البعض مؤامرة من النظام دون تقديم أي دليل.
إن مثل هذه المواقف لا تُضعف فقط قيمة العمل الشجاع الذي قامت به أحمدي، بل تعكس ذهنية تعتبر النظام قويا والمعارضين ضعفاء.
كما أن شخصية مثل محمد نوري زاد، الذي كان في الماضي من أنصار النظام، أصبح اليوم ناقدًا صريحًا يدعو لإسقاطه. ورغم أنه يقبع الآن في السجن في ظروف قاسية. ومع ذلك، هناك من يشكك في نواياه.
من هو "المعارض الحقيقي"؟
السؤال المطروح هنا: من الذي يحدد "المعارض الحقيقي" للنظام؟ هل يجب أن يكون هناك جهة تصدر شهادات بهذا الشأن؟ مثل هذه النظرة ليست فقط غير عادلة، بل تضر بالحراك المعارض.
يجب أن تكون التقييمات مبنية على أدلة وشواهد. التشكيك غير المبرر في مصداقية الأصوات المعارضة قد يؤدي إلى تقويض جهودها وتعزيز حالة عدم الثقة في الحراك المناهض للنظام.
وعلى المجتمع المعارض أن يدعم انتشار الأصوات الناقدة للنظام، بغض النظر عن خلفياتهم. فكلما زادت هذه الأصوات، وقلّت أعداد المؤيدين للنظام، اقتربت إيران من التغيير المنشود.
كما أن ازدياد صراحة وتنوع الأصوات المعارضة داخل إيران يُظهر ضعف النظام وتراجع سيطرته على الأوضاع الداخلية. وهذه التحولات تمثل خطوة مهمة نحو انتقال البلاد إلى نظام سياسي جديد يُلبي تطلعات الشعب.